me

Wednesday, April 29, 2009

ماذا بعد محـــــو الأمية ؟



قد لا يكون من الخفى على أحد تلك الجهود المضنية .. وهذه المحاولات الدءوبة التى تقوم بها الدولة للتغلب على الأمية .. تلك المعضلة التى ظلت تخيم على الأجواء لفترة طويلة .. والعقبة التى ظلت تعترض كل سبل التنمية البشرية . وبرغم الصعوبات الكثيرة .. العقبات المتعددة .. إلا أنه من الواضح تماما إن تلك الجهود .. وهذه المحاولات قد نجحت إلى حد بعيد .. بل وبدأت تؤتى ثمارها المرجوة .. مما يدفعنا إلى مضاعفة الجهد للحصول على المزيد من المزايا .. والوصول للمزيد من النجاح .
ولكن رغم كل النجاحات إلا أن الحقيقة التى قد لا يعلمها الكثيرون .. وهى أن الأمية .. ليست أمية القراءة والكتابة فقط .. بل هناك أنواع أخرى من الأمية .. قد لا تقل خطرا عن أمية القراءة والكتابة إلا وهى الأمية الثقافية .. والأمية الفكرية .
وبالنسبة للأمية الثقافية .. فقد حاولت الدولة .. إيجاد الحلول المناسبة لها .. وذلك عن طريق مشروعها المثمر والرائد " مشروع مكتبة الأسرة " ذلك المشروع الذى تكفل بتثقيف المجتمع بأقل التكاليف الممكنة واضعا نصب عينيه أثر الحالة الاقتصادية وانخفاض مستوى المعيشة على طلاب الثقافة .. على اختلاف وسائلها ولكن أليس من المحزن بعد ذلك .. أن يقوم المذيع فى أحد برامج التليفزيون بتوجيه سؤال إلى بعض شباب الجامعة .. عن مقر " جامعة الدول العربية " فتكون الإجابة المفاجئة والمدهشة لكل المشاهدين .. أن مقر جامعة الدول العربية فى " أديس أبابا "
أليس من المؤلم أن يقوم المذيع بسؤال بعض طلبة الجامعة أيضا عن الزعيم الوطنى " محمد فريد " فتكون الإجابة أنه اسم شارع بالقاهرة فإذا كان المستوى الثقافى لشباب الجامعة .. ومن يفترض فيهم أنهم .. هم الواجهة الثقافية والحضارية المشرقة لشباب مصر .. بهذا القدر من التدنى .. اعتقد أن الأمر .. يدعو إلى الحزن ويبعث على الخوف على ثقافة مجتمعنا وما سيكون عليه .. فى ظل تلك المؤشرات وفى وجود تلك الدلائل .
أما بالنسبة للأمية الفكرية .. فاعتقد أننى لن أكون مبالغا إذا قلت .. بل أننى أكاد أجزم بأن الأعم الأغلب من مثقفينا .. يعانون من الأمية الفكرية .. والتى جعلتهم فى الواقع .. مجرد أوعية .. تكسب فيها الحقائق والمصطلحات والمفاهيم .. دون محاولة الاستفادة منها فى نصرة قضية أو الدفاع عن حق .. أو إثبات رأى وبدون القدرة على الربط بين تلك الأفكار والمفاهيم لتكوين رأى يعبر عن شخص هذا المثقف .. وعن ثقافة مجتمعه الذى يعيش فيه .. وعن مدى تأثيره .. وتأثره بمن حوله .. أو حتى فلسفة تلك الآراء والمفاهيم .. وبدون الانحياز لمبدأ .. أو الميل إلى رأى اتجاه .. فى ظل غياب ثقافة الحوار .. وهذا يعطى المبرر الكافى .. لمحاولات الغزو الفكرى المستمرة والمتتالية .
ومن كل ما سبق تتضح لنا التبعة الكبيرة .. التى تتحملها الدولة .. والمسئولية الضخمة .. الملقاة على عاتق المثقفين والمثقفين .. لمواجهة تلك العقبات ومحاولة إيجاد حل لتلك الصعوبات للتغلب على مشكلة الأمية بشتى صورها وكل اتجاهاتها .. لحماية أنفسنا .. وتوفير المناخ الثقافى المناسب للأجيال القادمة .

No comments: